فذكر لهم الذي عرض له، فكلهم أمره أن يتداوى بما لا بد له منه، ويفتدي، فإذا صح اعتمر فحل من إحرامه، ثم عليه حج قابل ويهدي ما استيسر من الهدي". وقال مالك: وعلى هذا الأمر عندنا فيمن أحصر بغير عدو، وقد أمر عمر بن الخطاب أبا أيوب الأنصاري، وهبار ابن الأسود حين فاتهما الحج، وأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالا، ثم يحجان عاما قابلا، ويهديان، فمن لم يجد فصيام أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله.
ومن ذلك ما رواه مالك في الموطأ، والبيهقي أيضا عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول: "المحرم لا يحله إلا البيت" والظاهر أنها تعني غير المحصر بعدو، كما جزم به الزرقاني في شرح الموطأ. هذا هو حاصل أدلة القول بأن المراد بالإحصار في الآية هو ما كان من خصوص العدو، دون ما كان من مرض ونحوه.
القول الثاني: في المراد بالإحصار أنه يشمل ما كان من عدو ونحوه، وما كان من مرض ونحوه، من جميع العوائق المانعة من الوصول إلى الحرم وممن قال بهذا القول ابن مسعود، ومجاهد، وعطاء، وقتادة، وعروة بن الزبير، وإبراهيم النخعي، وعلقمة، والثوري، والحسن، وأبو ثور، وداود، وهو مذهب أبي حنيفة. وحجة هذا القول من جهة شموله لإحصار العدو قد تقدمت في حجة الذي قبله.
وأما من جهة شموله للإحصار بمرض فما رواه الإمام أحمد
وأصحاب السنن الأربعة، وابن خزيمة، والحاكم، والبيهقي عن