عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله فقال: بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان" انتهى.
فاجتيال الشياطين لهم عن دينهم، وتحريمها عليهم ما أحل الله لهم في الحديث الأول، وضرها لهم لو تركوا التسمية في الحديث الثاني: كل ذلك من أنواع مشاركتهم فيهم.
وقوله "فاجتالتهم" أصله افتعل من الجولان؛ أي: استخفتهم الشياطين فجالوا معهم في الضلال؛ يقال: جال واجتال: إذا ذهب وجاء، ومنه الجولان في الحرب واجتال الشيء: إذا ذهب به وساقه. والعلم عند الله تعالى.
والأمر في قوله:{وَعِدْهُمْ} كالأمر في قوله: {وَاسْتَفْزِزْ} وقوله: {وَأَجْلِبْ} وقد قدمنا أنه للتهديد.
وقوله: {وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (٦٤)} بين فيه أن مواعيد الشيطان كلها غرور وباطل؛ كوعده لهم بأن الأصنام تشفع لهم وتقربهم عند الله زلفى، وأن الله لما جعل لهم المال والولد في الدنيا سيجعل لهم مثل ذلك في الآخرة، إلى غير ذلك من المواعيد الكاذبة.
وقد بين تعالى هذا المعنى في مواضع أخر؛ كقوله: {يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (١٢٠)} وقوله: {وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} وقوله: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ