مستقبلين شمال الشام يضربنا ... بحاصب كنديف القطن منثور
وقول لبيد:
جرت عليها أن خوت من أهلها ... أذيالها كل عصوف حصبه
وقوله في هذه الآية: {ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا (٦٩)} فعيل بمعنى فاعل؛ أي: تابعًا يتبعنا بالمطالبة بثأركم، كقوله: {فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (١٥)} أي: لا يخاف عاقبة تبعة تلحقه بذلك، وكل مطالب بدين أو ثأر أو غير ذلك تسميه العرب تبيعًا، ومنه قول الشماخ يصف عقابًا:
تلوذ ثعالب الشرفين منها ... كما لاذ الغريم من التبيع
أي: كعياذ المدين من صاحب الدين الذي يطالبه بغرمه منه. ومنه قول الآخر:
غدوا وغدت غزلانهم وكأنها ... ضوامن غرم لدهن تبيع
أي: خصمهن مطالب بدين، ومن هذا القبيل قوله تعالى:{فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} الآية، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذ أتبع أحدكم على مليء فليتبع" وهذا هو معنى قول ابن عباس وغيره {تَبِيعًا (٦٩)}: أي: نصيرًا، وقول مجاهد: نصيرًا ثائرًا.
تنبيه
لا يخفى على الناظر في هذه الآية الكريمة: أن الله ذم الكفار وعابهم بأنهم في وقت الشدائد والأهوال خاصة يخلصون العبادة له وحده، ولا يصرفون شيئًا من حقه لمخلوق، وفي وقت الأمن