وأخرج الطبراني في الصغير، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح، وعلى الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا؛ فشد لهم إبليس أقدامها بالرصاص؛ فجاء ومعه قضيب فجعل يهوي إلى كل صنمِ منها فيخر لوجهه فيقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (٨١)} حتى مر عليها كلها.
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية: وفي هذه الآية دليل على كسر نصب المشركين وجميع الأوثان إذا غلب عليهم. ويدخل بالمعنى كسر آلة الباطل كله، وما لا يصلح إلا لمعصية الله كالطنابير والعيدان والمزامير التي لا معنى لها إلا اللهو بها عن ذكر الله.
قال ابن المنذر: وفي معنى الأصنام الصور المتخذة من المدر والخشب وشبهها، وكل ما يتخذه الناس مما لا منفعة فيه إلا اللهو المنهي عنه، ولا يجوز بيع شيء منه إلا الأصنام التي تكون من الذهب والفضة والحديد والرصاص إذا غيرت عما هي عليه وصارت نقدًا أو قطعًا فيجوز بيعها والشراء بها.
قال المهلب: وما كسر من آلات الباطل وكان في حبسها بعد كسرها منفعة فصاحبها أولى بها مكسورة؛ إلا أن يرى الإمام حرقها بالنار على معنى التشديد والعقوبة في المال. وقد تقدم حرق ابن عمر رضي الله عنه. وقد هم النبي - صلى الله عليه وسلم - بتحريق دور من تخلف عن صلاة الجماعة. وهذا أصل في العقوبة في المال؛ مع قوله - صلى الله عليه وسلم - في الناقة التي لعنتها صاحبتها "دعوها فإنها ملعونة" فأزال ملكها عنها تأديبًا لصاحبتها، وعقوبة لها فيما دعت عليه بما دعت به. وقد