قال البخاري في صحيحه في باب "من قال ليس على المحصر بدل" ما نصه: وقال مالك وغيره: ينحر هديه ويحلق في أي موضع كان، ولا قضاء عليه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا، وحلوا من كل شيء قبل الطواف، وقبل أن يصل الهدي إلى البيت، ثم لم يذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدا أن يقضوا شيئا، ولا يعودوا له، والحديبية خارج من الحرم. انتهى منه بلفظه.
وقد قال مالك في الموطأ: إنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حل هو وأصحابه بالحديبية، فنحروا الهدي، وحلقوا رءوسهم، وحلوا من كل شيء قبل أن يطوفوا بالبيت، وقبل أن يصل إليه الهدي، ثم لم يعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر أحدا من أصحابه، ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئا، ولا يعودوا لشيء. انتهى بلفظه من الموطأ. ولا يعارض ما ذكرنا بما رواه الواقدي في المغازي من طريق الزهري ومن طريق أبي معشر وغيرهما، قالوا: أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يعتمروا فلم يتخلف منهم إلا من قتل بخيبر، أو مات وخرج معه جماعة معتمرين ممن لم يشهدوا الحديبية، وكانت عدتهم ألفين، لأن الشافعي -رحمه الله- قال: والذي أعقله في أخبار أهل المغازي شبيه بما ذكرت؛ لأنا علمنا من متواطئ أحاديثهم أنه كان معه عام الحديبية رجال معروفون، ثم اعتمر عمرة القضية، فتخلف بعضهم بالمدينة من غير ضرورة في نفس ولا مال. اهـ.
فهذا الشافعي -رحمه الله- جزم بأنهم تخلف منهم رجال معروفون من غير ضرورة في نفس، ولا مال. وقد تقرر في