علَّم الله جل وعلا عباده في أول هذه السورة الكريمة أن يحمدوه على أعظم نعمة أنعمها عليهم؛ وهي إنزاله على نبينا - صلى الله عليه وسلم - هذا القرآن العظيم، الذي لا اعوجاج فيه؛ بل هو في كمال الاستقامة. أخرجهم به من الظلمات إلى النور، وبين لهم فيه العقائد، والحلال والحرام، وأسباب دخول الجنة والنار، وحذرهم فيه من كل ما يضرهم، وحضهم فيه على كل ما ينفعهم، فهو النعمة العظمى على الخلق، ولذا علمهم ربهم كيف يحمدونه على هذه النعمة الكبرى بقوله:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ .. } الآية.
وما أشار له هنا من عظيم الإنعام والامتنان على خلقه بإنزال هذا القرآن العظيم، منذرًا من لم يعمل به، ومبشرًا من عمل به = ذكره جل وعلا في مواضع كثيرة، كقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ