وهذا المعنى الذي ذكره ابن كثير له شواهد في القرآن، كقوله:{يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} ونحو ذلك من الآيات.
والكذب: مخالفة الخبر للواقع على أصح الأقوال.
فائدة
لفظة "كبر" إذا أريد بها غير الكبر في السن فهي مضمومة الباء في الماضي والمضارع، كقوله هنا:{كَبُرَتْ كَلِمَةً} الآية، وقوله: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)}، وقوله:{أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ} ونحو ذلك.
وإن كان المراد بها الكبر في السن فهي مكسورة الباء في الماضي، مفتوحتها في المضارع على القياس، ومن ذلك قوله تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا}، وقول المجنون:
تعشَّقْت ليلى وهي ذات ذوائب ... ولم يبد للعينين من ثديها حَجْم
صغيرين نرعى البهم ياليت أننا ... إلى اليوم لم نكْبَر ولم تكْبَر البَهْم
وقوله في هذا البيت:"صغيرين" شاهد عند أهل العربية في إتيان الحال من الفاعل والمفعول معًا.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{كَبُرَتْ كَلِمَةً} يعني بالكلمة: الكلام الذي هو قولهم: {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤)}.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الله يطلق اسم الكلمة على الكلام أوضحته آيات أخر؛ كقوله:{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا .. } الآية، والمراد بها قوله: {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (٩٩) لَعَلِّي أَعْمَلُ