وللإشفاق في المحذور. واستظهر أبو حيان في البحر المحيط: أن "لعل" في قوله هنا: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} للإشفاق عليه - صلى الله عليه وسلم - أن يبخع نفسه لعدم إيمانهم به.
وقال بعضهم: إن "لعل" في الآية للنهي. وممن قال به العسكري، وهو معنى كلام ابن عطية كما نقله عنهما صاحب البحر المحيط.
وعلى هذا القول فالمعنى: لا تبخع نفسك لعدم إيمانهم. وقيل: هي في الآية للاستفهام المضمن معنى الإنكار. وإتيان لعل للاستفهام مذهب كوفي معروف.
وأظهر هذه الأقوال عندي في معنى "لعل" أن المراد بها في الآية النهي عن الحزن عليهم.
وإطلاق لعل مضمنة معنى النهى فى مثل هذه الآية أسلوبٌ عربي يدل عليه سياق الكلام.
ومن الأدلة على أن المراد بها النهى عن ذلك كثرة ورود النهي صريحًا عن ذلك؛ كقوله:{فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}، وقوله:{وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}، وقوله: {فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)} إلى غير ذلك من الآيات. وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
والباخع: المهلك: أي مهلك نفسك من شدة الأسف على عدم إيمانهم، ومنه قول ذي الرمة:
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه ... لشيء نحته عن يديه المقادر