للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدعاء العظيم الشامل لكل خير، وهو قوله عنهم: {رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠)}.

وبين في غير هذا الموضع أشياء أخرى من صفاتهم وأقوالهم، كقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣) -إلى قوله- يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (١٦)}. و ( إِذْ) في قوله هنا: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ} منصوبة بـ (اذكر) مقدرًا. وقيل: بقوله (عجبًا). ومعنى قوله: {إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ} أي: جعلوا الكهف مأوى لهم ومكان اعتصام.

ومعنى قوله: {آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً} أي: أعطنا رحمة من عندك. والرحمة هنا تشمل الرزق، والهدى، والحفظ مما هربوا خائفين منه من أذى قومهم، والمغفرة.

والفِتْية: جمع "فتى" جمع تكسير، وهو من جموع القلة. ويدل لفظ الفتية على قلتهم، وأنهم شباب لا شيب، خلافًا لما زعمه ابن السراج: من أن الفتية اسم جمع لا جمع تكسير. وإلى كون مثل الفتية جمع تكسير من جموع القلة أشارَ ابنُ مالك في الخلاصة بقوله:

أفعلة أفعل ثم فِعْلَه ... كذاك أفعال جموع قله

والتهيئة: التقريب والتيسير، أي: يسر لنا وقرب لنا من أمرنا رشدًا. والرشد: الاهتداء والديمومة عليه.

و {مِنْ} في قوله {مِنْ أَمْرِنَا} فيها وجهان؛ أحدهما: أنها هنا للتجريد، وعليه فالمعنى: اجعل لنا أمرنا رشدًا كله؛ كما