للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعتزلتم معبوديهم من دون الله. وقيل: "ما" مصدرية، أي: اعتزلتموهم واعتزلتم عبادتهم غير الله تعالى. والأول أظهر.

وقوله: {إِلَّا اللَّهَ} قيل: هو استثناء متصل، بناء على أنهم كانوا يعبدون الله والأصنام. وقيل: هو استثناء منقطع بناء على القول بأنهم كانوا لا يعبدون إلا الأصنام، ولا يعرفون الله ولا يعبدونه.

وقوله: {مِرْفَقًا} أي: ما ترتفقون به أي تنتفعون به. وقرأه نافع وابن عامر بفتح الميم وكسر الفاء مع تفخيم الراء. وقرأه باقي السبعة بكسر الميم وفتح الفاء وترقيق الراء، وهما قراءتان ولغتان فيما يرتفق به، وفي عضو الإنسان المعروف. وأنكر الكسائي في "المرفق" -بمعنى عضو الإنسان- فتحَ الميم وكسرَ الفاء، وقال: هو بكسر الميم وفتح الفاء، ولا يجوز غير ذلك.

وزعم ابن الأنباري أن {مِنْ} في قوله: {وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ} بمعنى البدلية، أي: يهيئ لكم بدلًا من {أَمْرِكُمْ} الصعب مرفقا. وعلى هذا الذي زعم آيات (١) كقوله تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ} أي: بدلًا منها وعوضا عنها. ومن هذا المعنى قول الشاعر:

فليتَ لنا من ماء زمزم شربة ... مبرَّدة باتت على طَهَيان

أي: بدلًا من ماء زمزم، والله تعالى أعلم.


(١) المطبوعة: "غاية" أو: "فاية"!.