للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحجة الجمهور واضحة، وهي قوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} فتعليقه ما استيسر من الهدي على الإحصار تعليق الجزاء على شرطه، يدل على لزوم الهدي بالإحصار لمن أراد التحلل به، دلالة واضحة كما ترى، فإن عجز المحصر عن الهدي فهل يلزمه بدل عنه، أو لا؟

قال بعض العلماء: لا بدل له إن عجز عنه، وممن قال: لا بدل لهدي المحصر أبو حنيفة -رحمه الله- فإن المحصر عنده إذا لم يجد هديا يبقى محرما حتى يجد هديا، أو يطوف بالبيت. وقال بعض من قال بأنه لا بدل له، إن لم يجد هديا حل دونه، وإن تيسر له بعد ذلك هدي أهداه. وقال جماعة: إن لم يجد الهدي فله بدل، واختلف أهل هذا القول في بدل الهدي، فقال بعضهم: هو صوم عشرة أيام قياسا على من عجز عما استيسر من الهدي في التمتع، وإلى هذا ذهب الإمام أحمد، وهو إحدى الروايات عن الشافعي، وأصح الروايات عند الشافعية في بدل هدي المحصر أنه بالإطعام، نص عليه الشافعي في كتاب الأوسط، فتقوم الشاة ويتصدق بقيمتها طعاما، فإن عجز صام عن كل مد يوما، وقيل: إطعام كإطعام فدية الأذى، وهو ثلاثة آصع لستة مساكين، وقيل: بدله صوم ثلاثة أيام، وقيل: بدله صوم بالتعديل، تقوم الشاة ويعرف قدر ما تساوي قيمتها من الأمداد، فيصوم عن كل يوم مدا (١)، وليس على شيء من هذه الأقوال دليل واضح، وأقربها قياسه على التمتع. والله تعالى أعلم.


(١) كذا، وهو سبق قلم صوابه: "عن كل مدٍّ يومًا".