للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي إلَّا بمشيئة الله. وهو في موضع الحال، يعني إلَّا متلبسًا بمشيئة الله قائلًا: إن شاء الله، قاله الزمخشري وغيره.

وسبب نزول هذه الآية الكريمة: أن اليهود قالوا لقريش: سلوا محمدًا "- صلى الله عليه وسلم -" عن الروح، وعن رجل طواف في الأرض (يعنون ذا القرنين)، وعن فتية لهم قصَّة عجيبة في الزمان الماضي (يعنون أصحاب الكهف). فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "سأخبركم غدًا عما سألتم عنه" ولم يقل إن شاء الله، فلبث عنه الوحي مدة، قيل: خمس عشرة ليلة، وقيل غير ذلك. فأحزنه تأخر الوحي عنه، ثم أنزل عليه الجواب عن الأسئلة الثلاثة، قال في الروح: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي .. } الآية. وقال في الفتية: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ .. } الآيات إلى آخر قصتهم. وقال في الرجل الطواف: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (٨٣) . .} الآيات إلى آخر قصته.

فإذا عرفت معنى هذه الآية الكريمة وسبب نزولها، وأن الله عاتب نبيه فيها على عدم قوله: إن شاء الله، لما قال لهم سأخبركم غدًا = فاعلم أنَّه دلت آية أخرى بضميمة بيان السنة لها على أن الله عاتب نبيه سليمان على عدم قوله: إن شاء الله، كما عاتب نبيه في هذه الآية على ذلك. بل فتنة سليمان بذلك كانت أشد؛ فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال سليمان ابن داود عليهما وعلى نبينا الصَّلاة والسلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة -وفي رواية تسعين امرأة، وفي رواية مائة امرأة- تلد كل امرأة منهن غلامًا يقاتل في