للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنك إن قلت: سأفعل غدًا كذا ونسيت أن تقول: إن شاء الله، ثم تذكرت بعد ذلك فقل: إن شاء الله؛ أي اذكر ربك معلقًا على مشيئته ما تقول أنك ستفعله غدًا إذا تذكرت بعد النسيان. وهذا القول هو الظاهر؛ لأنَّه يدل عليه قوله تعالى قبله: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وهو قول الجمهور. وممن قال به ابن عباس والحسن البصري وأبو العالية وغيرهم.

القول الثَّاني: أن الآية لا تعلق لها بما قبلها. وأن المعنى: إذا وقع منك النسيان لشيء فاذكر الله؛ لأنَّ النسيان من الشَّيطان؛ كما قال تعالى عن فتى موسى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}، وكقوله: {اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ}، وقال تعالى: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)} وذكر الله تعالى يطرد الشَّيطان؛ كما يدل لذلك قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦)} وقوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) مَلِكِ النَّاسِ (٢) إِلَهِ النَّاسِ (٣) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (٤)} الآية؛ أي: الوسواس عند الغفلة عن ذكر الله. الخناس الذي يخنس ويتأخر صاغرًا عند ذكر الله، فإذا ذهب الشَّيطان ذهب النسيان. وقال بعضهم: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} أي: صلِّ الصَّلاة التي كنت ناسيًا لها عند ذكرك لها، كما قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي (١٤)} وقول من قال: إذا نسيت؛ أي إذا غضبت، ظاهر السقوط.

مسألة

اشتهر على ألسنة العلماء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّه