للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للشرع، فهذا لا مانع منه، ولا مخالف فيه من الصحابة، فمن بعدهم. وقد عمل عمر رضي الله عنه من ذلك أشياء كثيرة ما كانت في زمن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ ككتبه أسماء الجند في ديوان لأجل الضبط، ومعرفة من غاب ومن حضر، كما قدمنا إيضاح المقصود منه في سورة "بني إسرائيل" في الكلام على العاقلة التي تحمل دية الخطأ، مع أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل ذلك، ولم يعلم بتخلف كعب بن مالك عن غزوة تبوك إلَّا بعد أن وصل تبوك - صَلَّى الله عليه وسلم -، وكاشترائه -أعني عمر رضي الله عنه- دار صفوان بن أميَّة وجعله إياها سجنًا في مكّة المكرمة، مع أنَّه - صَلَّى الله عليه وسلم - لم يتخذ سجنًا هو ولا أبو بكر. فمثل هذا من الأمور الإدارية التي تفعل لإتقان الأمور مما لا يخالف الشرع، لا بأس به؛ كتنظيم شئون الموظفين، وتنظيم إدارة الأعمال على وجه لا يخالف الشرع. فهذا النوع من الأنظمة الوضعية لا بأس به، ولا يخرج عن قواعد الشرع من مراعاة المصالح العامة.

وأمَّا النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السموات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السموات والأرض؛كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف، وأنهما يلزم استواؤهما في الميراث. وكدعوى أن تعدد الزوجات ظلم، وأن الطلاق ظلم للمرأة، وأن الرجم والقطع ونحوهما أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بالإنسان، ونحو ذلك.

فتحكيم هذا النوع من النظام في أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم، كفر بخالق السموات والأرض، وتمرُّد على نظام السماء الذي وضعه من خَلَق الخلائق