أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا .. } الآية، وقوله: {يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (٨٨) إلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (٨٩)} إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الإنسان لا ينبغي له الاشتغال بزينة الحياة الدنيا عما ينفعه في آخرته. وأقوال العلماء في الباقيات الصالحات كلها راجعة إلى شيء واحد، وهو الأعمال التي ترضي الله، سواء قلنا: إنها الصلوات الخمس، كما هو مروي عن جماعة من السلف؛ منهم ابن عباس، وسعيد بن جبير، وأبو ميسرة، وعمرو بن شرحبيل. أو أنها: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وعلى هذا القول جمهور العلماء، وجاءت دالة عليه أحاديث مرفوعة عن أبي سعيد الخدري، وأبي الدرداء، وأبي هريرة، والنعمان بن بشير، وعائشة رضي الله عنهم.
قال مقيده -عفا الله عنه-: التحقيق أن {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} لفظ عام، يشمل الصلوات الخمس، والكلمات الخمس المذكورة، وغير ذلك من الأعمال التي ترضي الله تعالى؛ لأنها باقية لصاحبها غير زائلة ولا فانية كزينة الحياة الدنيا، ولأنها أيضًا صالحة لوقوعها على الوجه الذي يرضي الله تعالى. وقوله:{خَيرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا} تقدم معناه. وقوله:{وَخَيرٌ أَمَلًا} أي الذي يؤمل من عواقب الباقيات الصالحات، خير مما يؤمله أهل الدنيا من زينة حياتهم الدنيا، وأصل الأمل: طمع الإنسان بحصول ما يرجوه في المستقبل. ونظير هذه الآية الكريمة قوله تعالى في "مريم": {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيرٌ مَرَدًّا (٧٦)} والمَرَدّ: المرجع إلى الله يوم القيامة. وقال بعض العلماء: {مَرَدًّا (٧٦)}