للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صلابتها الحجرية وتلين، فتكون في عدم صلابتها ولينها كالعهن المنفوش، وكالرمل المتهايل، كقوله تعالى: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ (٩)} ، وقوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (٤) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (٥)} والعهن: الصوف. وقوله تعالى: {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا (١٤)} ، وقوله تعالى: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥)} أي فتتت حتى صارت كالبسيسة، وهي دقيق ملتوت بسمن، على أشهر التفسيرات.

ثم ذكر جل وعلا: أنه يجعلها هباءً وسرابًا، قال: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (٥) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (٦)} [الواقعة: ٥]، وقال: {وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا (٢٠)} .

وبين في موضع آخر: أن السراب عبارة عن لا شيء؛ وهو قوله: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ -إلى قوله- لَمْ يَجِدْهُ شَيئًا} .

وقوله: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَال} قرأه ابن عامر وابن كثير وأبو عمرو (تُسَيَّرُ الجبالُ) بالتاء المثناة الفوقية وفتح الياء المشددة من قوله "تُسَيَّر" مبينًا للمفعول. و"الجبال" بالرفع نائب فاعل "تسير" والفاعل المحذوف ضمير يعود إلى الله جل وعلا. وقرأه باقي السبعة (نُسَيِّرُ) بالنون وكسر الياء المشددة مبنيًّا للفاعل، و {الْجِبَال} منصوب مفعول به، والنون في قوله: {نُسَيِّرُ} للتعظيم.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً} البروز: الظهور؛ أي ترى الأرض ظاهرة منكشفة لذهاب الجبال والظراب