للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحواء، تتخذونه وذريته أولياء من دون خالقكم جل وعلا! بئس للظالمين بدلًا من الله إبليس وذريته! وقال: {لِلظَّالِمِينَ} لأنهم اعتاضوا الباطل من الحق، وجعلوا مكان ولايتهم لله ولايتهم لإبليس وذريته. وهذا من أشنع الظلم الذي هو في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه؛ كما تقدم مرارًا. والمخصوص بالذم في الآية محذوف دل عليه المقام، وتقديره: بئس البدل من الله إبليس وذريته. وفاعل {بِئْسَ} ضمير محذوف يفسره التمييز الذي هو {بَدَلًا (٥٠)} على حد قوله له في الخلاصة:

ويرفعان مضمرًا يفسره ... مميز كنعم قومًا معشره

والبدل: العوض من الشيء، وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من عداوة الشيطان لبني آدم جاء مبينًا في آيات أخر؛ كقوله: {إِنَّ الشَّيطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} . وكذلك الأبوان، كما قال تعالى: {فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧)} .

وقد بين في غير هذا الموضع: أن الذين اتخذوا الشياطين أولياء بدلًا من ولاية الله يحسبون أنهم في ذلك على حق؛ كقوله تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٠)} . وبين في مواضع أخر أن الكفار أولياء الشيطان؛ كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيطَانِ ... } الآية، وقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٧)} ، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ ... } الآية، وقوله: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ