للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أوضحها ابن هشام وغيره.

الثاني: أن تكون حرف استثناء بمعنى إلا؛ فتدخل على الجملة الاسمية؛ كقوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيهَا حَافِظٌ (٤)} في قراءة من شدد "لمّا" أي: ما كل نفس إلا عليها حافظ. ومن هذا النوع قول العرب: أنشدك الله لما فعلت؛ أي: ما أسألك إلا فعلت؛ ومنه قول الراجز:

قالت له: بالله ياذا البُرْدَين ... لمّا غَنِثْتَ نَفَسًا أو نفسين

فقولها "غَنِثْتَ" بغين معجمة ونون مكسورة وثاء مثلثة مسندًا لتاء المخاطب. والمراد بقولها "غَنِثَ" تنفست في الشرب؛ كَنَّت بذلك عن الجماع، تريد عدم متابعته لذلك، وأن يتنفس بين ذلك. وهذا النوع حرف أيضًا بلا خلاف. وبعض أهل العلم يقول: إنه لغة هذيل.

الثالث: من أنواع "لما" هو النوع المختص بالماضي المقتضي جملتين، توجد ثانيتهما عند وجود أولاهما، كقوله: {لَمَّا ظَلَمُوا} أي: لما ظلموا أهلكناهم، فما قبلها دليل على الجملة المحذوفة. وهذا النوع هو الغالب في القرآن وفي كلام العرب. و"لمَّا" هذه التي تقتضي ربط جملة بجملة اختلف فيها النحويون؛ هل هي حرف، أو اسم، وخلافهم فيها مشهور، وممن انتصر لأنها حرف ابن خروف وغيره. وممن انتصر لأنها اسم ابن السراج والفارسي وابن جني وغيرهم. وجواب "لما" هذه يبهون فعلًا ماضيًا بلا خلاف؛ كقوله تعالى: {فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ... } الآية، ويكون جملة اسمية مقرونة بـ"إذا" الفجائية؛ كقوله: {فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ