الخطاب قال: لما كان يوم بدر، (ح) وحدثنا زهير بن حرب واللفظ له، حدثنا عمر بن يونس الحنفي، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثني أبو زميل هو سماك الحنفي، حدثني عبد الله ابن عباس قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا؛ فاستقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه:"اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" فمازال يهتف بربه مادًّا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه؛ فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال: يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)} فأمده الله بالملائكة .. الحديث. ومحل الشاهد منه قوله - صلى الله عليه وسلم - :"لا تعبد في الأرض" فِعلٌ في سياق النفي فهو بمعنى: لا تقع عبادة لك في الأرض؛ لأن الفعل ينحلّ عن مصدر وزمن عند النحويين، وعن مصدر ونسبة وزمن عند كثير من البلاغيين. فالمصدر كامن في مفهومه إجماعًا، فيتسلط عليه النفي فيؤول إلى النكرة في سياق النفي، وهي من صيغ العموم كما تقدم إيضاحه في سورة "بني إسرائيل". وإلى كون الفعل في سياق النفي والشرط من صيغ العموم أشار في مراقي السعود بقوله عاطفًا على ما يفيد العموم:
ونحو لا شربت أو إن شربا ... واتفقوا إن مصدر قد جلبا
فإذا علمت أن معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن تهلك هذه العصابة لا