الأحاديث عن مائة سنة. وإنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :"لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض" يريد بذلك أنها تخرم ذلك القرن. انتهى منه بلفظه. وقد بينا وجه دلالته على المراد قريبًا.
الرابع: أن الخضر لو كان حيًّا إلى زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - لكان من أتباعه، ولنصره وقاتل معه؛ لأنه مبعوث إلى جميع الثقلين الإنس والجن. والآيات الدالة على عموم رسالته كثيرة جدًا، كقوله تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيكُمْ جَمِيعًا}، وقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالمِينَ نَذِيرًا (١)}، وقوله تعالى:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا كَافَّةً لِلنَّاسِ} ويوضح هذا أنه تعالى بين في سورة "آل عمران": أنه أخذ على جميع النبيين الميثاق المؤكد أنهم إن جاءهم نبينا - صلى الله عليه وسلم - مصدقًا لما معهم أن يؤمنوا به وينصروه، وذلك في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَال أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَال فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٨٢)}.
وهذه الآية الكريمة على القول بأن المراد بالرسول فيها نبينا - صلى الله عليه وسلم -، كما قاله ابن العباس وغيره، فالأمر واضح. وعلى أنها عامة فهو - صلى الله عليه وسلم - يدخل في عمومها دخولًا أوليًّا؛ فلو كان الخضر حيًّا في زمنه لجاءه ونصره وقاتل تحت رايته. ومما يوضح أنه لا يدركه نبي إلا اتبعه ما رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة والبزار من حديث جابر رضي الله عنه: أن عمر رضي الله عنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه عليه فغضب وقال: "لقد جئتكم بها