اجتمع بهم في الإسراء رُفِع فوقهم كلهم، ولما هبطوا معه إلى بيت المقدس وحانت الصلاة أمره جبريل عن أمر الله أن يؤمهم؛ فصلى بهم في محل ولايتهم ودار إقامتهم. فدل على أنه الإمام الأعظم، والرسول الخاتم المبجل المقدم، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
فإذا علم هذا -وهو معلوم عند كل مؤمن- عُلِم أنه لو كان الخضر حيًّا لكان من جملة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وممن يقتدي بشرعه لا يسعه إلا ذلك. هذا عيسى ابن مريم عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة المطهرة، لا يخرج منها ولا يحيد عنها، وهو أحد أولي العزم الخمسة المرسلين، وخاتم أنبياء بني إسرائيل. والمعلوم أن الخضر لم ينقل بسند صحيح ولا حسن تسكن النفس إليه أنه اجتمع برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم واحد، ولم يشهد معه قتالًا في مشهد من المشاهد. وهذا يوم بدر يقول الصادق المصدوق فيما دعا به ربه عزَّ وجلَّ واستنصره واستفتحه على من كفره:"اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض" وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذ، وسادة الملائكة حتى جبريل عليه السلام؛ كما قال حسان بن ثابت في قصيدة له في بيت يقال بأنه أفخر بيت قالته العرب:
وببئر بدر إذ يرد وجوههم ... جبريل تحت لوائنا ومحمد
فلو كان الخضر حيًّا لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته، وأعظم غزواته. قال القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي: سئل بعض أصحابنا عن الخضر هل مات؟