بيانًا وافيًا بالمقصود، والله جل وعلا قال في كتابه لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)} فإذا علمت ذلك فاعلم أن هذه الآية الكريمة، وآية الأنبياء قد دلتا في الجملة على أن السدَّ الذي بناه ذو القرنين دون يأجوج ومأجوج إنما يجعله الله دكًّا عند مجيء الوقت الموعود بذلك فيه. وقد دلتا على أنه بقرب يوم القيامة؛ لأنه قال هنا: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨) وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ..} الآية. وأظهر الأقوال في الجملة المقدرة التي عوض عنها تنوين {يَوْمَئِذٍ} من قوله: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} أنه: يوم إذ جاء وعد ربي بخروجهم وانتشارهم في الأرض. ولا ينبغي العدول عن هذا القول لموافقته لظاهر سياق القرآن العظيم. وإذا تقرر أن معنى {يَوْمَئِذٍ} يوم إذ جاء الوعد بخروجهم وانتشارهم؛ فاعلم أن الضمير في قوله:{وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ} على القول بأنه لجميع بني آدم، فالمراد يوم القيامة. وإذًا فقد دلت الآية على اقترانه بالخروج إذا دك السد، وقربه منه. وعلى القول بأن الضمير راجع إلى يأجوج ومأجوج. فقوله بعده:{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} يدل في الجملة على أنه قريب منه. قال الزمخشري في تفسير هذه الآية:{قَال هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي} هو إشارة إلى السد؛ أي هذا السد نعمة من الله ورحمة على عباده. أو هذا الإقدار والتمكين من تسويته {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي} يعني فإذا دنا مجيء يوم القيامة، وشارف أن يأتي جعل السد دكًّا؛ أي مدكوكًا مبسوطًا مسوّى بالأرض. وكل ما انبسط من بعد ارتفاع فقد اندك؛ ومنه الجمل الأدك المنبسط السنام. اهـ.
وآية الأنبياء المشار إليها هي قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ