للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفي اللازم يقتضي نفي الملزوم؛ هذا هو عمدة حجة المنكرين وجودهم إلى الآن وراء السد. ومن المعلوم أن القياس الاستثنائي المعروف بالشرطي، إذا كان مركبا من شرطية متصلة واستثنائية، فإنه يتوجه عليه القدح من ثلاث جهات:

الأولى: أن يقدح فيه من جهة شرطيته، لكون الربط بين المقدم والتالي ليس صحيحًا.

الثانية: أن يقدح فيه من جهة استثنائيته.

الثالثة: أن يقدح فيه من جهتهما معًا. وهذا القياس المزعوم يقدح فيه من جهة شرطيته فيقول للمعترض: الربط فيه بين المقدم والتالي غير صحيح. فقولكم: لو كانوا موجودين وراء السد إلى الآن لاطلع عليهم الناس، غير صحيح؛ لإمكان أن يكونوا موجودين والله يخفي مكانهم على عامة الناس حتى يأتي الوقت المحدد لإخراجهم على الناس. ومما يؤيد إمكان هذا ما ذكره الله تعالى في سورة "المائدة" من أنه جعل بني إسرائيل يتيهون في الأرض أربعين سنة، وذلك في قوله تعالى: {قَال فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ ..} الآية، وهم في فراسخ قليلة من الأرض، يمشون ليلهم ونهارهم ولم يطلع عليهم الناس حتى انتهى أمد التيه؛ لأنهم لو اجتمعوا بالناس لبينوا لهم الطريق، وعلى كل حال، فربك فعال لما يريد. وأخبار رسوله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة عنه صادقة، وما يوجد بين أهل الكتاب مما يخالف ما ذكرنا ونحوه من القصص الواردة في القرآن والسنة الصحيحة، زاعمين أنه منزل في التوراة أو غيره من الكتب السماوية؛ باطل يقينًا لا يعول عليه؛ لأن الله جل وعلا