للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبي الزناد مثله اهـ. من البخاري.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا مسلم في صحيحه، وهو يدل على أن نفس الكافر العظيم السمين لا يزن عند الله جناح بعوضة. وفيه دلالة على وزن الأشخاص. وقال أبو عبد الله القرطبي في تفسير هذه الآية بعد أن أشار إلى حديث أبي هريرة المذكور ما نصه: وفي هذا الحديث من الفقه ذم السمن لمن تكلفه؛ لما في ذلك من تكلف المطاعم والاشتغال بها عن المكارم. بل يدل على تحريم الأكل الزائد على قدر الكفاية، المبتغى به الترفه والسمن؛ وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن أبغض الرجال إلى الله تعالى الحبر السمين" ومن حديث عمران بن حصين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "خيركم قرني ثم الذين يلونهم -قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة- ثم إن من بعدكم قومًا يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، وينذرون ولا يوفون، ويظهر فيهم السمن" وهذا ذم. وسبب ذلك: أن السمن المكتسب إنما هو من كثرة الأكل والشره والدعة والراحة والأمن، والاسترسال مع النفس على شهواتها؛ فهو عبد نفسه لا عبد ربه. ومن كان هذا حاله وقع لا محالة في الحرام، وكل لحم تولد من سحت فالنار أولى به. وقد ذم الله تعالى الكفار بكثرة الأكل فقال: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (١٢)} فإذا كان المؤمن يتشبه بهم، ويتنعم تنعمهم في كل أحواله وأزمانه، فأين حقيقة الإيمان والقيام بوظائف الإسلام. ومن كثر أكله وشربه كثر نهمه وحرصه، وزاد بالليل كسله ونومه، فكان نهاره هائمًا، وليله نائمًا اهـ. محل الغرض من كلام القرطبي، وما تضمنه كلامه من الجزم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله