والأرض، هل تعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا نورث ما تركنا صدقة" يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نفسه. فقال الرهط: قد قال ذلك. . . الحديث. ففي هذا الحديث الصحيح أن عمر قال: إن مراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"لا نورث" نفسه، وصدقه الجماعة المذكورون في ذلك، وهذا دليل على الخصوص فلا مانع إذن من كون الموروث عن زكريا في الآية التي نحن بصددها هو المال؟ فالجواب من أوجه:
الأول: أن ظاهر صيغة الجمع شمول جميع الأنبياء، فلا يجوز العدول عن هذا الظاهر إلا بدليل من كتاب أو سنة. وقول عمر لا يصح تخصيص نص من السنة به؛ لأن النصوص لا يصح تخصيصها بأقوال الصحابة على التحقيق كما هو مقرر في الأصول.
الوجه الثاني: أن قول عمر "يريد - صلى الله عليه وسلم - نفسه" لا ينافي شمول الحكم لغيره من الأنبياء، لاحتمال أن يكون قصده يريد أنه هو - صلى الله عليه وسلم - يعني نفسه فإنه لا يورث، ولم يقل عمر إن اللفظ لم يشمل غيره، وكونه يعني نفسه لا ينافي أن غيره من الأنبياء لا يورث أيضًا.
الوجه الثالث: ما جاء من الأحاديث صريحًا في عموم عدم الإرث المالي في جميع الأنبياء. وسنذكر طرفًا من ذلك هنا إن شاء الله تعالى.
قال ابن حجر في فتح الباري ما نصه: وأما ما اشتهر في كتب أهل الأصول وغيرهم بلفظ "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" فقد أنكره جماعة من الأئمة، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ "نحن" لكن أخرجه النسائي من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد