استدل به بعض العلماء في قوله تعالى:{ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}، {بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} على أن الأقراء الأطهار، لا الحيض، وعلى أن شهادة النساء غير مقبولة؛ لأن الحيض جمع حيضة: فلو أريد الحيض لقيل: ثلاث، ولو أريد النساء لقيل: بأربع. ووجه الرد أن المعتبر هنا اللفظ، ولفظ قرء وشهيد مذكرين. منه بلفظه.
فالجواب والله تعالى أعلم: أن هذا خلاف التحقيق، والذي يدل عليه استقراء اللغة العربية جواز مراعاة المعنى مطلقا، وجزم بجواز مراعاة المعنى في لفظ العدد ابن هشام، نقله عنه السيوطي، بل جزم صاحب التسهيل، وشارحه الدماميني أن مراعاة المعنى في واحد المعدود متعينة.
قال الصبان في حاشيته ما نصه: قوله: "فبلفظه": ظاهره أن ذلك على سبيل الوجوب، ويخالفه ما نقله السيوطي عن ابن هشام وغيره من أن ما كان لفظه مذكرا، ومعناه مؤنثا، أو بالعكس، فإنه يجوز فيه وجهان. اهـ.
ويخالفه أيضا ما في التسهيل وشرحه للدماميني، وعبارة التسهيل:"تحذف تاء الثلاثة وأخواتها، إن كان واحد المعدود مؤنث المعنى حقيقة أو مجازا".
قال الدماميني: استفيد منه أن الاعتبار في الواحد بالمعنى، لا باللفظ، فلهذا يقال: ثلاثة طلحات. ثم قال في التسهيل: وربما أول مذكر بمؤنث، ومؤنث بمذكر، فجىء بالعدد على حسب التأويل. ومثل الدماميني الأول بنحو ثلاث شخوص، يريد نسوة وعشر أبطن، يريد قبائل. والثاني بنحو ثلاثة أنفس، أي أشخاص