عسيًا وعسوًا. وكل متناه إلى غاية في كبر أو فساد أو كفر فهو عات وعاس.
تنبيه
فإن قيل: ما وجه استفهام زكريا في قوله: {أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} مع علمه بقدرة الله تعالى على كل شيء.
فالجواب من ثلاثة أوجه قد ذكرناها في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) في سورة "آل عمران" وواحد منها فيه بُعد، وإن رُويَ عن عكرمة والسدي وغيرهما.
الأول: أن استفهام زكريا استفهام استخبار واستعلام؛ لأنه لا يعلم هل الله يأتيه بالولد من زوجه العجوز على كبر سنهما على سبيل خرق العادة. أو يأمره بأن يتزوج شابة، أو يردهما شابين؟ فاستفهم عن الحقيقة ليعلمها. ولا إشكال في هذا، وهو أظهرها.
الثاني: أن استفهامه استفهام تعجب من كمال قدرة الله تعالى.
الثالث: وهو الذي ذكرنا أن فيه بعدًا هو ما ذكره ابن جرير عن عكرمة والسدي: من أن زكرياء لما نادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى، قال له الشيطان: ليس هذا نداء الملائكة، وإنما هو نداء الشيطان، فداخل زكرياء الشك في أن النداء من الشيطان، فقال عند ذلك الشك الناشئ عن وسوسة الشيطان قبل أن يتيقن أنه من الله:{أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ} ولذا طلب الآية من الله على ذلك بقوله: {رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً} الآية. وإنما قلنا: إن هذا القول فيه بعد لأنه لا يلتبس على زكرياء