يصلي عليه الإمام، كما قال تعالى عن نبيه هود مخاطبًا لقومه عاد: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ (١٢٨) وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ (١٢٩)} وإذا ارتفعت مع الإمام طائفة من المصلين سائر الناس؛ أعني ليست من أشراف الناس وأعيانهم، ففي نفي الكراهة بذلك خلاف عندهم وإليه أشار خليل في مختصره بقوله:"وهل يجوز إن كان مع الإمام طائفة كغيرهم تردد". هذا هو حاصل مذهب مالك في هذه المسألة.
وأما مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة: فهو أن ارتفاع كل من الإمام والمأموم على الآخر مكروه. وقال الطحاوي: لا يكره علو المأموم على الإمام، ومحل الكراهة عند الحنفية في الارتفاع غير اليسير، ولا كراهة عندهم في اليسير. وقدر الارتفاع الموجب للكراهة عندهم قدر قامة، ولا بأس بما دونها، ذكره الطحاوي، وهو مروي عن أبي يوسف. وقيل: هو مقدر بقدر ما يقع عليه الامتياز. وقيل: مقدر بقدر ذراع اعتبارًا بالسترة. قال صاحب تبيين الحقائق: وعليه الاعتماد. وإن كان مع الإمام جماعة في مكانه المرتفع، وبقية المأمومين أسفل منهم فلا يكره ذلك على الصحيح عندهم. انتهى بمعناه من تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق.
وأما مذهب الإمام أحمد في هذه المسألة: فهو التفصيل بين علو الإمام على المأموم، فيكره على المشهور من مذهب أحمد. وبين علو المأموم على الإمام فيجوز. قال ابن قدامة في المغني: المشهور في المذهب أنه يكره أن يكون الإمام أعلى من المأمومين، سواء أراد تعليمهم الصلاة، أو لم يرد. وهو قول مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي. ورُوي عن أحمد ما يدل على أنه لا