والوتد؛ ونحو ذلك. فقولها:{وَكُنْتُ نَسْيًا} أي شيئًا تافهًا حقيرًا من حقه أن يترك وينسى عادة. وقولها: {مَنْسِيًّا (٢٣)} تعني أن ذلك الشيء التافه الذي من عادته أن يترك ويُنسى قد نُسِي وطُرِح بالفعل فوجد فيه النسيان الذي هو حقه. وأقوال المفسرين في الآية راجعة إلى ما ذكرنا، ومن إطلاق النسي على ما ذكرنا قول الكميت:
أتجعلنا جسرًا لكلب قضاعة ... ولست بنسي في معدٍّ ولا دَخْل
فقوله "بنسي" أي شيء تافه منسي، وقول الشنفرى:
كان لها في الأرض نسيًا تقصّه ... على أمها وإن تُحَدْثك تَبْلَت
فقوله:"نسيًا" أي شيء تركته ونسيته، وقوله:"تبلت" بفتح التاء وسكون الباء الموحدة وفتح اللام بعدها تاء التأنيث. أي تقطع كلامها من الحياء. والبلت في اللغة: القطع. وقرأ نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي {يَاليتَنِي مِتُّ} بكسر الميم. وقرأ الباقون (مُتُّ) بضم الميم. وقرأ حفص عن عاصم وحمزة:{وَكُنْتُ نَسْيًا} بفتح النون. والباقون بكسرها، وهما لغتان فصيحتان، وقراءتان صحيحتان.
تنبيه
قراءة (مِتُّ) بكسر الميم كثيرًا ما يخفى على طلبة العلم وجهها؛ لأن لغة "مات يموت" لا يصح منها "مِتّ" بكسر الميم. ووجه القراءة بكسر الميم أنه من "مات يمات"، كخاف يخاف؛ لا من "مات يموت"؛ كقال يقول. فلفظ "مات" فيها لغتان عربيتان فصيحتان؛ الأولى منهما:"مَوَت" بفتح الواو فأبدلت الواو ألفًا على