الحديث الصحيح الذي رأيت إخراج هؤلاء الجماعة له، وقد قدمناه بلفظه عند مسلم في صحيحه = تعلم أن قول من قال: إن المراد هارون أخو موسى باطل سواء قيل: إنها أخته، أو أن المراد بأنها أخته أنها من ذريته، كما يقال للرجل: يا أخا تميم، والمراد يا أخا بني تميم؛ لأنه من ذرية تميم. ومن هذا القبيل قوله:{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ}؛ لأن هودًا إنما قيل له أخو عاد لأنه من ذريته، فهو أخي بني عاد، وهم المراد بعاد في الآية؛ لأن المراد بها القبيلة لا الجد. وإذا حققت أن المراد بهارون في الآية غير هارون أخي موسى، فاعلم أن بعض العلماء قال: إن لها أخًا اسمه هارون. وبعضهم يقول: إن هارون المذكور رجل من قومها مشهور بالصلاح، وعلى هذا فالمراد بكونها أخته أنها تشبهه في العبادة والتقوى. وإطلاق اسم الأخ على النظير المشابه معروف في القرآن وفي كلام العرب، فمنه في القرآن قوله تعالى:{وَمَا نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إلا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا .. } الآية، وقوله تعالى:{إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ... } الآية، وقوله تعالى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (٢٠٢)}، ومنه في كلام العرب قوله:
وكل أخ يفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان
فجعل الفرقدين أخوين.
وكثيرًا ما تطلق العرب اسم الأخ على الصديق والصاحب، ومن إطلاقه على الصاحب قول القلاخ بن حزن:
أخا الحرب لبَّاسًا إليها جلالها ... وليس بولَّاج الخوالف أعقلا