للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أسمائه "الحق" كقوله: {وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥) وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ} الآية. وعلى هذا القول فإعراب قوله تعالى: {قَوْلَ الْحَقِّ} على قراءة النصب أنه منصوب على المدح. وعلى قراءة الرفع فهو بدل من {عِيسَى} أو خبر بعد خبر، وعلى هذا الوجه فـ (قولُ الحق) هو {عِيسَى} كما سماه الله كلمة في قوله: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ}، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ} الآية. وإنما سمى {عِيسَى} كلمة؛ لأن الله أوجده بكلمته التي هي {كُنْ} فكان؛ كما قال: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَال لَهُ كُنْ}. والقول والكلمة على هذا الوجه من التفسير بمعنى واحد.

وقوله: {الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤)} أي: يشكون؛ فالامتراء افتعال من المرية وهي الشك. وهذا الشك الذي وقع للكفار نهى الله عنه المسلمين على لسان نبيهم في قوله تعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَال لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (٦٠)} وهذا القول الحق الذي أوضح الله به حقيقة الأمر في شأن عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بعد نزوله على نبينا - صلى الله عليه وسلم -، أمره ربه أن يدعو من حاجَّه في شأن عيسى إلى المباهلة؛ ثم أخبره أن ما قص عليه من خبر عيسى هو القصص الحق، وذلك في قوله تعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (٦١) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ} الآية. ولما نزلت ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد نجران إلى المباهلة خافوا الهلاك وأدوا كما هو مشهور.