واحد منهما فهو منقطع. الأول: أن يكون المستثنى من جنس المستثنى منه، نحو: جاء القوم إلَّا زيدًا؛ فإن كان من غير جنسه فهو منقطع، نحو: جاء القوم إلَّا حمارًا. الثاني: أن يكون الحكم على المستثنى بنقيض الحكم على المستثني منه. ومعلوم أن نقيض الإثبات النفي كالعكس، ومن هنا كان الاستثناء من النفي إثباتًا، ومن الإثبات نفيًا؛ فإن كان الحكم على المستثنى ليس نقيض الحكم على المستثنى منه فهو منقطع ولو كان المستثنى من جنس المستثنى منه. فقوله تعالى:{لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إلا الْمَوْتَةَ الْأُولَى} استثناء منقطع على التحقيق، مع أن المستثنى من جنس المستثنى منه. وكذلك قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} وإنَّما كان منقطعًا في الآيتين؛ لأنه لم يحكم على المستثنى بنقيض الحكم على المستثنى منه. فنقيض {لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ} هو: يذوقون فيها الموت. وهذا النقيض الذي هو ذوق الموت في الآخرة لم يحكم به على المستثنى بل حكم بالذوق في الدنيا. ونقيض {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ}: كلوها بالباطل، ولم يحكم له في المستثنى.
فتحصَّل أن انقطاع الاستثناء قسمان؛ أحدهما: بالحكم على غير جنس المستثنى منه؛ كقولك: رأيت أخويك إلَّا ثوبًا. الثاني: بالحكم بغير النقيض؛ نحو: رأيت أخويك إلَّا زيدًا لم يسافر.
التنبيه الثاني: اعلم أنَّه يبنى على الخلاف في صحة الاستثناء المنقطع بعض الفروع الفقهية؛ فلو أقر رجل لآخر فقال له: علَيَّ