وفي الحديث الصحيح الذي يرويه - صلى الله عليه وسلم - عن ربه:"يقول الله تعالى كذبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذبني، وآذاني ابن آدم ولم يكن له أن يؤذيني. أما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني. وليس أول الخلق أهون علي من آخره. وأما أذاه إياي فقوله: إن لي ولدًا، وأنا الأحدُ الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد". فإن قيل: أين العامل في الظرف الذي هو "إذا" فالجواب: أنَّه منصوب بفعل مضمر دل عليه جزاء الشرط؛ وتقديره: أأخرج حيًّا إذا ما مت، أي: حين يتمكَّن في الموت والهلاك أخرج حيًّا. يعني لا يمكن ذلك. فإن قيل: لم لا تقول بأنه منصوب ب {أُخْرَجُ} المذكور في قوله: {لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦)} على العادة المعروفة، من أن العامل في "إذا" هو جزاؤها؟ فالجواب: أن لام الابتداء في قوله: {لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦)} مانعة من عمل ما بعدها فيما قبلها كما هو معلوم في علم العربية. فلا يجوز أن تقول: اليوم لزيد قائم؛ تعني لزيد قائم اليوم. وما زعمه بعضهم من أن حرف التنفيس الذي هو "سوف" مانع من عمل ما بعده فيما قبله أيضًا، حتَّى إنه على قراءة طلحة بن مصرف "أئذا ما مت سأخرج حيًّا" بدون اللام يمتنع نصب "إذا" بـ {أُخْرَجُ} المذكورة؛ فهو خلاف التحقيق.
والتحقيق أن حرف التنفيس لا يمنع من عمل ما بعده فيما قبله. ودليله وجوده في كلام العرب؛ كقول الشاعر:
فلما رأته آمنا هان وجدها ... وقالت أَبونا هكذا سوف يفعل
فقوله:"هكذا" منصوب بقوله: "يفعل" كما أوضحه أَبو حيان