للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأولى: التي يبدأ بعذابها وبدخولها النار. والأخرى التي تدخل بعدها على حسب تفاوتهم في أنواع الكفر والضلال، كما قال تعالى: {قَال ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَال لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ (٣٨) وَقَالتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَينَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٣٩)}.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (٧٠)} يعني: أنَّه جل وعلا أعلم بمن يستحق منهم أن يصلى النار، ومن هو أولى بذلك. وقد بين أن الرؤساء والمرءوسين كلهم ممن يستحق ذلك في قوله: {قَال لِكُلٍّ ضِعْفٌ .. } الآية، والصِّلِي مصدر صَلِي النار كرضي يصلاها صِلِيًّا -بالضم والكسر- إذا قاسى ألمها، وباشر حرها.

واختلف العلماء في وجه رفع "أي" مع أنَّه منصوب؛ لأنه مفعول {لَنَنْزِعَنَّ}؛ فذهب سيبويه ومن تبعه إلى أن لفظة "أي" موصولة، وأنها مبنية على الضم إذا كانت مضافة وصدر صلتها ضمير محذوف كما هنا. وعقده ابن مالك في الخلاصة بقوله:

أيٌّ كما وأُعْرِبت ما لم تُضَف ... وصدْرُ وصلها ضميرٌ انحَذَف

وبعضُهم أعربَ مطلقًا .. إلخ. ويدل على صحة قول سيبويه رحمه الله قول غسان بن وعلة:

إذا ما لقيتَ بني مالك ... فسلِّم على أيُّهم أفضل