كذلك بالإلغا وإن قد ناسبا ... ويتعدى وصفه الذي اجتبى
هذا هو حاصل كلام أهل الأصول في المقصود عندهم بهذا الدليل الذي هو السبر والتقسيم.
المسألة الرابعة
اعلم أن المقصود من هذا الدليل المذكور عند المنطقيين يخالف المقصود منه عند الأصوليين والجدليين. فالتقسيم عند المنطقيين لا يكون إلا في الأوصاف التي بينها تناف وتنافر، وهذا التقسيم هو المعبر عنه عندهم بالشرطي المنفصل. ومقصودهم من ذكر تلك الأوصاف المتنافية هو أن يستدلوا بوجود بعضها على عدم بعضها، أو بعدمه على وجوده، وهذا هو المعبر عنه عندهم (بالاستثناء في الشرطي المنفصل)، وحرف الاستثناء عندهم هو "لكن"، والتنافي المذكور بين الأوصاف المذكورة يحصره العقل في ثلاثة أقسام؛ لأنه إما أن يكون في الوجود والعدم معًا، أو الوجود فقط، أو العدم فقط، ولا رابع البتة.
فإن كان في الوجود والعدم معًا فهي عندهم الشرطية المنفصلة المعروفة بالحقيقية، وهي مانعة الجمع والخلو معًا، ولا تتركب إلا من النقيضين، أو من الشيء ومساوي نقيضيه. وضابطها أن طوفيها لا يجتمعان معًا ولا يرتفعان معًا؛ بل لابد من وجود أحدهما وعدم الآخر، وعدم اجتماعهما لما بينهما من المنافرة والعناد في الوجود، وعدم ارتفاعهما لما بينهما من المنافرة والعناد في العدم، وضروبها الأربعة منتجة، كما لو قلت: العدد إما زوج وإما فرد. فلو قلت: لكنه زوج أنتج فهو غير فرد. ولو قلت: لكنه فرد أنتج فهو غير