وحاله، فكيف يسأل عن الكيفية ويقبل الجواب بما فيه عنده إجمال من غير أن يستفسر عنه، وأبو سلمة روى عنها الصيغ الثلاث؛ فلو كان بينها عنده تفاوت لاعترض عليها باختلاف ألفاظها، وتثبت حتى يعلم منها بأي الصيغ وقعت بينونتها، فتركه لذلك دليل على تساوي الصيغ المذكورة عنده. هكذا ذكره بعض الأجلاء. والظاهر أن هذا الحديث لا دليل فيه؛ لأن الروايات التي فيها إجمال بينتها الرواية الصحيحة الأخرى كما هو ظاهر، والعلم عند الله تعالى.
ومن أدلتهم ما رواه أبو داود والدارقطني وقال: قال أبو داود: هذا حديث حسن صحيح، والشافعي، والترمذي، وابن ماجه، وصححه ابن حبان والحاكم عن ركانة بن عبد الله أنه طلق امرأته سهيمة البتة، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك. فقال: والله ما أردت إلا واحدة. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: والله ما أردت إلا واحدة؛ فقال ركانة: والله ما أردت إلا واحدة، فردها إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وطلقها الثانية في زمان عمر بن الخطاب، والثالثة في زمن عثمان، فهذا الحديث صححه أبو داود، وابن حبان، والحاكم. وقال فيه ابن ماجه: سمعت أبا الحسن علي بن محمد الطنافسي يقول: ما أشرف هذا الحديث. وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قال ابن كثير: قد رواه أبو داود من وجه آخر، وله طرق أخر، فهو حسن إن شاء الله.
وهو نص في محل النزاع؛ لأن تحليفه - صلى الله عليه وسلم - لركانة "ما أراد بلفظ البتة إلا واحدة" دليل على أنه لو أراد بها أكثر من الواحدة لوقع، والثلاث أصرح في ذلك من لفظ البتة؛ لأن البتة كناية، والثلاث صريح، ولو كان لا يقع أكثر من واحدة لما كان لتحليفه معنى، مع