للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرهم في قوله: {وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢) } اتخذوا من دون الله آلهة، أي معبودات من أصنام وغيرها يعبدونها من دون الله، وأنهم عبدوهم لأجل أن يكونوا لهم عزًّا؛ أي أنصارًا وشفعاء ينقذونهم من عذاب الله؛ كما أوضح تعالى مرادهم ذلك في قوله: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} فتقريبهم إياهم إلى الله زلفى في زعمهم هو عزهم الذي أفَلُوه بهم؛ وكقوله تعالى عنهم: {وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} الآية. فالشفاعة عند الله عز لهم (١) يزعمونه كذبًا وافتراء على الله؛ كما بينه بقوله تعالى: {قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (١٨) }.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {كَلَّا} زجر وردع لهم عن ذلك الظن الفاسد الباطل؛ أي ليس الأمر كذلك! لا تكون المعبودات التي عبدتم من دون الله عزًّا لكم، بل تكون بعكس ذلك؛ فيكونون عليكم ضدًّا، أي أعوانًا عليكم في خصومتكم وتكذيبكم والتبرؤ منكم. وأقوال العلماء في الآية تدور حول هذا الذي ذكرنا؛ كقول ابن عباس: {ضِدًّا} أي أعوانًا. وقول الضحاك: {ضِدًّا} أي أعداء. وقول قتادة: {ضِدًّا} أي قرناء في النار يلعن بعضهم بعضًا، وكقول ابن عطية: {ضِدًّا} يجيئهم منهم خلاف ما أملوه فيئول بهم ذلك إلى الذل والهوان، ضد ما أملوه من العز.

وهذا المعنى الذي ذكر الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: بينه أيضًا في غير هذا الموضع؛ كقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ


(١) بعدها في المطبوعة: "بهم"!.