نصفًا وعدلًا ليتمكن جميع الناس أن يحضروا. وقوله: {سُوًى (٥٨)} أصله من الاستواء؛ لأن المسافة من الوسط إلى الطرفين لا تفاوت فيها بل هي مستوية. وقوله: {سُوًى (٥٨)} فيه ثلاث لغات: الضم، والكسر مع القصر، وفتح السين مع المد. والقراءة بالأوليين دون الثالثة هنا. ومن القراءة بالثالثة:{إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَينَنَا وَبَينَكُمْ} ومن إطلاق العرب {مَكَانًا سُوًى (٥٨)} على المكان المتوسط بين الفريقين قول موسى بن جابر الحنفي، وقد أنشده أبو عبيدة شاهدًا لذلك:
وإن أبانا كان حلَّ ببلدةٍ ... سِوًى بين قيسٍ قيسِ عيلان والفِزْرِ
والفِزْر: سعد بن زيد مناة بن تميم؛ يعني حل ببلدة مستوية مسافتها بين قيس عيلان والفزر.
وأن موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أجاب فرعون إلى ما طلب منه من الموعد، وقرر أن يكون وقت ذلك يوم الزينة. وأقوال أهل العلم في يوم الزينة راجعة إلى أنه يوم معروف لهم، يجتمعون فيه ويتزينون؛ سواء قلنا: إنه يوم عيد لهم، أو يوم عاشوراء، أو يوم النيروز، أو يوم كانوا يتخذون فيه سوقًا ويتزينون فيه بأنواع الزينة.
قال الزمخشري: وإنما واعدهم موسى ذلك اليوم؛ ليكون علو كلمة الله وظهور دينه، وكبت الكافر وزهوق الباطل، على رءوس الأشهاد في المجمع الغاص؛ لتقوى رغبة من رغب في اتباع الحق، ويكلّ حدُّ المبطلين وأشياعهم، ويكثر المحدِّث بذلك الأمر؛ ليعلم في كل بدو وحضر، ويشيع في جميع أهل الوبر