وفي هذه الآية الكريمة حذف دل المقام عليه، والتقدير: قال بل ألقوا فألقوا حبالهم وعصيهم، فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى. وبه تعلم أن ألفاء في قوله:{فَإِذَا حِبَالُهُمْ} عاطفة على محذوف كما أشار لنحو ذلك ابن مالك في الخلاصة بقوله:
• وحَذْفَ متبوعٍ بدا هُنا اسْتَبِحْ*
و"إذا" هي الفجائية، وقد قدمنا كلام العلماء فيها فأغنى ذلك عن إعادته هنا. والحبال: جمع حبل، وهو معروف. والعِصي: جمع عصا، وألف العصا منقلبة عن واو، ولذا ترد إلى أصلها في التثنية؛ ومنه قول غيلان ذي الرمة:
فجاءت بنسجِ العنكبوت كأنه ... على عَصَوَيها سابريٌّ مُشَبْرَق
وأصل العِصِيّ "عصوو" على وزن "فعول" جمع عصا؛ فأُعِل بإبدال الواو التي في موضع اللام ياء فصار "عصويًا"، فأبدلت الواو ياء وأدغمت في الياء، فالياءان أصلهما واوان. وإلى جواز هذا النوع من الإعلال في واوي اللام مما جاء على فعول أشار في الخلاصة بقوله:
كذاكَ ذا وجهين جا المفعولُ مِنْ ... ذِي الواو لامَ جمعٍ أو فَرْدٍ يَعِنْ
وضمة الصاد في {وَعِصِيُّهُمْ} أبدلت كسرة لمجانسة الياء، وضمة عين {وَعِصِيُّهُمْ} أبدلت كسرة لإتباع كسرة الصاد. والتخيل في قوله: {يُخَيَّلُ إِلَيهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦)} هو إبداء أمر لا حقيقة له،