للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلوم الشر كثيرة، وقصدنا بذكر ما ذكرنا منها التنبيه على خِسَّتها وقبحها شرعًا، وأن منها ما هو كفر بواح، ومنها ما يؤدي إلى الكفر، وأقل درجاتها التحريم الشديد. وقد دل بعض الأحاديث والآثار على أن العيافة والطرق والطيرة من السحر. وقد قدمنا معنى ذلك في "الأنعام". وعنه - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن عباس رضي الله عنه: "من اقتبس شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد" رواه أبو داود بإسناد صحيح. والنسائي من حديث أبي هريرة: "من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر، ومن سحر فقد أشرك، ومن تعلق شيئًا وُكِلَ إليه".

المسألة الرابعة

اختلف العلماء في السحر هل هو حقيقة أو هو تخييل لا حقيقة له. والتحقيق: أن منه ما هو حقيقة كما قدمنا، ومنه ما هو تخييل كما تقدم إيضاحه. وهو مفهوم من أقسام السحر المتقدمة في كلام الرازي وغيره.

المسألة الخامسة

اختلف العلماء فيمن يتعلم السحر ويستعمله، فقال بعضهم: إنه يكفر بذلك، وهو قول جمهور العلماء منهم مالك وأبو حنيفة وأصحاب أحمد وغيرهم. وعن أحمد ما يقتضي عدم كفره. وعن الشافعي أنه إذا تعلم السحر قيل له: صِفْ لنا سحرك؛ فإن وصف ما يستوجب الكفر، مثل سحر أهل بابل من التقرب للكواكب، وأنها تفعل ما يطلب منها فهو كافر، وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته فهو كافر، وإلا فلا. وأقوال أهل العلم في ذلك كثيرة