للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستدلال به من أصله في محل النزاع.

ومما يدل على أنه لا يلزم من لفظ طلاق الثلاث في هذا الحديث كونها بكلمة واحدة، أن الإمام أبا عبد الرحمن النسائي مع جلالته وعلمه وشدة فهمه، ما فهم من هذا الحديث إلا أن المراد بطلاق الثلاث فيه، أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. بتفريق الطلقات؛ لأن لفظ الثلاث أظهر في إيقاع الطلاق ثلاث مرات. ولذا ترجم في سننه لرواية أبي داود المذكورة في هذا الحديث. فقال: "باب طلاق الثلاث المتفرقة قبل الدخول بالزوجة" ثم قال: أخبرنا أبو داود سليمان بن سيف قال: حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن ابن طاوس، عن أبيه: أن أبا الصهباء جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقال: يا ابن عباس ألم تعلم أن الثلاث كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدرا من خلافة عمر ترد إلى الواحدة؟ قال: نعم. فترى هذا الإمام الجليل صرح بأن طلاق الثلاث في هذا الحديث ليس بلفظ واحد، بل بإلفاظ متفرقة، ويدل على صحة ما فهمه النسائي رحمه الله من الحديث ما ذكره العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد في الرد على من استدل لوقوع الثلاث دفعة، بحديث عائشة: أن رجلا طلق امرأته ثلاثا فتزوجت. الحديث. فإنه قال فيه ما نصه: ولكن أين في الحديث أنه طلق الثلاث بفم واحد؟ بل الحديث حجة لنا، فإنه لا يقال: فعل ذلك ثلاثا، وقال: ثلاثا، إلا من فعل وقال مرة بعد مرة، وهذا هو المعقول في لغات الأمم عربهم وعجمهم. كما يقال: قذفه ثلاثا، وشتمه ثلاثا، وسلم عليه ثلاثا. اهـ. منه بلفظه.