للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحدة فيكون أمة وحده" اهـ منه.

وقال ابن كثير في تفسيره بعد أن ذكر تضعيفه بإسماعيل المذكور: قلت قد رواه الطبراني من وجه آخر، عن الحسن عن جندب مرفوعًا اهـ. وهذا يقويه كما ترى.

فهذه الآثار التي لم يعلم أن أحدًا من الصحابة أنكرها على من عمل بها مع اعتضادها بالحديث المرفوع المذكور هي حجة من قال بقتله مطلقًا. والآثار المذكورة والحديث فيهما الدلالة على أنه يقتل ولو لم يبلغ به سحره الكفر؛ لأن الساحر الذي قتله جندب رضي الله عنه كان سحره من نحو الشعوذة والأخذ بالعيون، حتى إنه يخيل إليهم أنه أبان رأس الرجل، والواقع بخلاف ذلك. وقول عمر: "اقتلوا كل ساحر" يدل على ذلك لصيغة العموم. وممن قال بمقتضى هذه الآثار وهذا الحديث: مالك، وأبو حنيفة، وأحمد في أصح الروايتين، وعمر، وعثمان، وابن عمر، وحفصة، وجندب بن عبد الله، وجندب بن كعب، وقيس بن سعد، وعمر بن عبد العزيز، وغيرهم، كما نقله عنهم ابن قدامة في المغني خلافًا للشافعي، وابن المنذر ومن وافقهما.

واحتج من قال: بأنه إن كان سحره لم يبلغ به الكفر لا يقتل بحديث ابن مسعود المتفق عليه: "لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث ... " الحديث، وقد قدمناه مرارًا. وليس السحر الذي لم يكفر صاحبه من الثلاث المذكورة. قال القرطبي منتصرًا لهذا القول: وهذا صحيح، ودماء المسلمين محظورة لا تستباح إلا بيقين، ولا يقين مع الاختلاف؛ والله أعلم.