للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصدق توجهه، وملازمة ورده، ولكن يمكن الانفصال عن ذلك بأن الذي ذكره محمول على الغالب، وإنما وقع به - صلى الله عليه وسلم - لبيان تجويز ذلك، والله أعلم. انتهى من فتح الباري.

المسألة التاسعة

اعلم أن العلماء اختلفوا في تحقيق القدر الذي يمكن أن يبلغه تأثير السحر في المسحور، واعلم أن لهذه المسألة واسطة وطرفين: طرف لا خلاف في أن تأثير السحر يبلغه، كالتفريق بين الرجل وامرأته، وكالمرض الذي يصيب المسحور من السحر ونحو ذلك، ودليل ذلك القرآن والسنة الصحيحة. أما القرآن فقوله تعالى: {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَينَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} فصرح جل وعلا في هذه الآية الكريمة بأن من تأثير السحر التفريق بين المرء وزوجه. وأما السنة فما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة رضي الله عنها بألفاظ متعددة متقاربة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُحِر حتى كان يرى أنه يأتي النساء ولا يأتيهن؛ فقال: "يا عائشة أعلمت أن الله قد أفتاني فيما استفتيته فيه، أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي، فقال الذي عند رأسي للآخر: ما بال الرجل؟ قال: مطبوب، قال: ومن طبه؟ قال: لبيد بن الأعصم رجل من بني زريق حليف اليهودي كان منافقًا، قال: وفيم؟ قال: في مشط ومشاطة؟ قال: وأين؟ قال: في جف طلعة ذكر تحت راعوفة في بئر ذروان" قالت: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - البئر حتى استخرجه، فقال: "هذه البئر التي أريتها، وكأن ماءها نقاعة الحناء، وكأن نخلها رءوس الشياطين، فاستخرج" قالت فقلت: أفلا أي تنشرت؟ فقال: "أما الله فقد شفاني وأكره أن أثير على أحد من