للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمشي على الماء، ويركب الكلب ونحو ذلك. فبعض الناس يجيز هذا. وجزم بجوازه الفخر الرازي في تفسيره، وكذلك صاحب رشد الغافل وغيرهما. وبعضهم يمنع مثل هذا.

قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: أما بالنسبة إلى أن الله قادر على أن يفعل جميع ذلك، وأنه يسبب ما شاء من المسببات على ما شاء من الأسباب، وإن لم تكن هناك مناسبة عقلية بين السبب والمسبب كما قدمناه مستوفى في سورة "مريم" فلا مانع من ذلك، والله جل وعلا يقول: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ}. وأما بالنسبة إلى ثبوت وقوع مثل ذلك بالفعل فلم يقم عليه دليل مقنع؛ لأن غالب ما يستدل عليه به قائله حكايات لم تثبت عن عدول، ويجوز أن يكون ما وقع منها من جنس الشعوذة والأخذ بالعيون، لا قلب الحقيقة مثلًا إلى حقيقة أخرى. وهذا هو الأظهر عندي، والله تعالى أعلم.

تنبيه

اعلم أن ما وقع من تأثير السحر في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يستلزم نقصًا ولا محالًا شرعيًّا حتى ترد بذلك الروايات الصحيحة؛ لأنه من نوع الأعراض البشرية، كالأمراض المؤثرة في الأجسام، ولم يؤثر البتة فيما يتعلق بالتبليغ. واستدلال من منع ذلك زاعمًا أنه محال في حقه - صلى الله عليه وسلم - بآية {إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إلا رَجُلًا مَسْحُورًا (٤٧)} مردود كما سنوضحه إن شاء الله في آخر هذا البحث.

قال ابن حجر في الفتح: قال المازري: أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث، وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها. قالوا: