للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والطعام والشراب، فهبط عليه ملكان .. الحديث. انتهى من فتح الباري.

وعلى كل حال فهو - صلى الله عليه وسلم - معصوم بالإجماع من كل ما يؤثر خللًا في التبليغ والتشريع. وأما بالنسبة إلى الأعراض البشرية: كأنواع الأمراض والآلام، ونحو ذلك فالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم يعتريهم من ذلك ما يعتري البشر؛ لأنهم بشر كما قال تعالى عنهم: {إِنْ نَحْنُ إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} ونحو ذلك من الآيات.

وأما قوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إلا رَجُلًا مَسْحُورًا} فمعناه أنهم يزعمون أن - صلى الله عليه وسلم - مسحور أو مطبوب، قد خبله السحر فاختلط عقله فالتبس عليه أمره. يقولون ذلك لينفروا الناس عنه. وقال مجاهد: {مَسْحُورًا (٤٧)} أي مخدوعًا؛ مثل قوله: {فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩)} أي من أين تخدعون. ومعنى هذا راجع إلى ما قبله؛ لأن المخدوع مغلوب في عقله. وقال أبو عبيدة: {مَسْحُورًا (٤٧)} معناه أن له سَحْرًا أي: رِئة، فهو لا يستغني عن الطعام والشراب، فهو مثلكم وليس بملك؛ كقولهم: {مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ}، وقوله عن الكفار: {مَا هَذَا إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (٣٣) وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (٣٤)} ونحو ذلك من الآيات. ويقال لكل من أكل أو شرب من آدمي أو غيره: مسحور ومسحَّر؛ ومنه قول لبيد:

فإن تسألينا فيمَ نحن فإننا ... عصافير من هذا الأنام المُسَحَّر

وقال امرؤ القيس: