موسى أربعين ليلة وذهابه إلى الميقات، واستعجاله إليه قبل قومه. وذلك أنه لما واعده ربه وجعل له الميقات المذكور، وأوصى أخاه هارون أن يخلفه في قومه، استعجل إلى الميقات فقال له ربه:{وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ} الآية. وهذه القصة التي أجملها هنا أشار لها في غير هذا الموضع؛ كقوله في "الأعراف": {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيلَةً وَقَال مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢) وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَال رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيكَ} الآية.
وفي هذه الآية سؤال معروف: وهو أن جواب موسى ليس مطابقًا للسؤال الذي سأله ربه؛ لأن السؤال عن السبب الذي أعجله عن قومه، والجواب لم يأت مطابقا لذلك؛ لأنه أجاب بقوله:{قَال هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيكَ} الآية.
وأجيب عن ذلك بأجوبة:(منها) أن قوله: {هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي} يعني هم قريب وما تقدمتهم إلا بيسير يغتفر مثله، فكأني لم أتقدمهم ولم أعجل عنهم لقرب ما بيني وبينهم. (ومنها) أن الله جل وعلا لما خاطبه بقوله: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ} داخله من الهيبة والإجلال والتعظيم لله جل وعلا ما أذهله عن الجواب المطابق. والله أعلم.
وقوله:{هُمْ أُولَاءِ} المد فيه لغة الحجازيين. ورجحها ابن مالك في الخلاصة بقوله:
والمد أولى ...
ولغة التميميين (أُوْلا) بالقصر، ويجوز دخول اللام على لغة