جبريل ليذهب بموسى إلى الميقات وكان على فرس، أخذ السامري ترابًا مسه حافر تلك الفرس، ويزعمون في القصة أنه عاين موضع أثرها ينبت فيه النبات، فتفرس أن الله جعل فيها خاصية الحياة، فأخذ تلك القبضة من التراب واحتفظ بها، فلما أرادوا أن يطرحوا الحلى في النار ليجعلوه قطعة واحدة أو لغير ذلك من الأسباب وجعلوه فيها، ألقى السامري عليه تلك القبضة من التراب المذكورة، وقال له: كن عجلًا جسدًا له خوار؛ فجعله الله عجلًا جسدًا له خوار؛ فقال لهم: هذا العجل هو إلهكم وإله موسى، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى عن موسى: {قَال فَمَا خَطْبُكَ يَاسَامِرِيُّ (٩٥) قَال بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (٩٦)}.
وقوله في هذه الآية:{وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ} هو من بقية اعتذارهم الفاسد البارد، وهو يدل على أن ذلك الاعتذار من الذين عبدوا العجل لا من غيرهم، ولا يبعد معه احتمال أنه من غيرهم؛ لأنه ليس فيه ما يعين كون الاعتذار منهم تعينًا غير محتمل. ومعلوم أن هذا العذر عذر لا وجه له على كل حال.
وقوله في هذه الآية الكريمة: {فَنَسِيَ (٨٨)} أي: نسي موسى إلهه هنا وذهب يطلبه في محل آخر؛ قاله ابن عباس في حديث الفتون. وهو قول مجاهد. وعن ابن عباس أيضًا من طريق عكرمة {فَنَسِيَ (٨٨)} أي: نسي أن يذكركم به. وعن ابن عباس أيضًا {فَنَسِيَ (٨٨)} أي: السامري ما كان عليه من الإسلام، وصار كافرًا بادعاء ألوهية العجل وعبادته.