والثاني: أنه راجع إلى منابت الجبال التي هي مراكزها ومقارّها لأنها مفهومة من ذكر الجبال. والمعنى: فيذر مواضعها التي كانت مستقرة فيها من الأرض قاعًا صفصفًا. والقاع: المستوي من الأرض. وقيل: مستنقع الماء. والصفصف: المستوي الأملس الذي لا نبات فيه ولا بناء، فإنه على صف واحد في استوائه. وأنشد لذلك سيبويه قول الأعشى:
وكم دون بيتك من صفصف ... ودكداك رمل وأعقادها
ومنه قول الآخر:
وملومة شهباء لو قذفوا بها ... شماريخ من رضوى إذًا أعاد صفصفا
وقوله: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا (١٠٧)} أي: لا اعوجاج فيها ولا أمت. والأمت: النتوء اليسير؛ أي ليس فيها اعوجاج ولا ارتفاع بعضها على بعض، بل هي مستوية، ومن إطلاق الأمت بالمعنى المذكور قول لبيد:
فاعرنزمَتْ ثم سارت وهي لاهيةٌ ... في كافر ما به أمتٌ ولا شرفُ
وقول الآخر:
فأبصرَتْ لمحةً من رأس عِكْرِشةٍ ... في كافر ما به أَمتٌ ولا عِوَجُ
والكافر في البيتين: قيل: الليل. وقيل: المطر؛ لأنه يمنع العين من رؤية الارتفاع والانحدار في الأرض.
وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة: فإن قلت: قد