للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَلْي قول الأعشى:

تسمعُ للحَلْي وسواسًا إذا انصرفت ... كما استعان بريحٍ عِشرقٌ زَجِل

ومن إطلاقه على همس الصائد قول ذي الرمة:

فبات يُشْئِزُه ثأدٌ ويُسْهِره ... تَذَؤبُ الريحِ والوسواسُ والهَضَبُ

وقول رؤبة:

وسوسَ يدعو مخلصًا ربَّ الفلق ... سرًّا وقد أوَّنَ تأوين العُقُق

في الزرب لم يمضع شربًا ما بصق

وإذا علمت ذلك فاعلم أن قوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {فَوَسْوَسَ إِلَيهِ الشَّيطَانُ} أي: كلمه كلامًا خفيًّا فسمعه منه آدم وفهمه. والدليل على أن الوسوسة المذكورة في هذه الآية الكريمة كلام من إبليس سمعه آدم وفهمه أنه فسر الوسوسة في هذه الآية بأنها قول، وذلك في قوله: {فَوَسْوَسَ إِلَيهِ الشَّيطَانُ قَال يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ} الآية. فالقول المذكور هو الوسوسة المذكورة. وقد أوضح هذا في سورة "الأعراف" وبين أنه وسوس إلى حواء أيضًا مع آدم، وذلك في قوله: {فَوَسْوَسَ إِلَيهِ الشَّيطَانُ -إلى قوله- وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١) فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ}؛ لأن تصريحَه تعالى في آية "الأعراف" هذه بأن إبليس قاسمهما أي حلف لهما على أنه ناصح لهما فيما ادعاه من الكذب: دليلٌ واضح على أن الوسوسة المذكورة كلام مسموع.

واعلم أن في وسوسة الشيطان إلى آدم إشكالًا معروفًا، وهو أن يقال: إبليس قد أخرج من الجنة صاغرًا مذمومًا مدحورًا، فكيف