للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعض العلماء: الماء الذي خلق منه كل شيء هو النطفة؛ لأن الله خلق جميع الحيوانات التي تولد عن طريق التناسل من النطف، وعلى هذا فهو من العام المخصوص.

وقال بعض العلماء: هو الماء المعروف لأن الحيوانات إما مخلوقة منه مباشرة كبعض الحيوانات التي تتخلق من الماء. وإما غير مباشرة لأن النطف من الأغذية، والأغذية كلها ناشئة عن الماء، وذلك في الحبوب والثمار ونحوها ظاهر، وكذلك هو في اللحوم والألبان والأسمان (١) ونحوها؛ لأنه كله ناشيء بسبب الماء.

وقال بعض أهل العلم: معنى خلقه كل حيوان من ماء. أنه كأنما خلقه من الماء لفرط احتياجه إليه، وقلة صبره عنه؛ كقوله: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} إلى غير ذلك من الأقوال. وقد قدمنا المعاني الأربعة التي تأتي لها لفظة "جعل" وما جاء منها في القرآن وما لم يجيء فيه في سورة "النحل".

وقال الفخر الرازي في تفسير هذه الآية الكريمة ما نصه: لقائل أن يقول: كيف قال وخلقنا من الماء كل حيوان، وقد قال: {وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ (٢٧) وجاء في الأخبار: أن الله تعالى خلق الملائكة من النور، وقال تعالى في حق عيسى عليه السلام: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيرًا بِإِذْنِي}، وقال في حق آدم: {خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ}؟.


(١) كذا بالمطبوعة.